أكد الأستاذ الدكتور محسن عبد الصاحب المظفر مؤلف الكتاب على صعوبة تناول تأليف كتاب بهذا العنوان لتشابك الأفكار وتناقض بعضها من جهة والمتشابه بينها في جانب آخر،إضافة إلى الصعوبة المكانية بسبب انتشار المعتقدات وتداخلها في المكان، وقد اعد المؤلف إطارا نظرياً لوضع بعض التعريفات.
يضم الكتاب بين دفتيه 496 صفحة واحتوى على 120 شكلا تراوحت مابين خرائط واشكال بيانية وصور،كما احتوى على 37 جدولاً، وقد حاول المؤلف الابتعاد عن محاور فلسفة المعتقدات وتداخلهم في المعتقدات والديانات أو توجيه النقد والاتهام لها بل أكد على المنحنى الجغرافي ألتوزيعي والعرضي المباشر للمعتقدات والأفكار وحالة الانقسامات التي حصلت لتلك الديانات.
حصلت على نسخة من هذا الكتاب بشكل أو بأخر من الناشر حيث مازال الكتاب في مخزن الناشر يوزع من خلال المعارض على القراء بداية عام 2010
جاء الفصل الأول بعنوان –المدخل النظري – وبمبحثين اولهما تناول باسهاب التعريف بجغرافية المعتقدات والديانات من نواحي المحتوى والاقسام والتطور والتفاعل .وقد بدى ان هذا الفرع من الجغرافية مقسم الى عشرة فروع اخرى كما كشف المبحث عن علاقة جغرافية المعتقدات والديانات بفروع الجغرافية ومدى صلة هذا الفرع بالعلوم الاخرى.
وعرج المبحث للتنويه عن التفاعلات بين المعتقدات والديانات من جهة والبيئة من جهة اخرى على اعتبار ايضاح العوامل المكانية التي هيأت لانتشار المعتقدات والديانات وجرى التاكيد على تاثير البيئة على الديانات وتاثير الديانات على البيئة في مجالات مختلفة منها المدن والاستثمار .
وثانيهما تناول التعريف بالدين بمنظورات مختلفة واتجاهات فلسفية متعددة وفرق الدين عن المعتقد ثم اشكال الظاهرة الدينية باعتبار ان هناك دين فردي ودين جمعي ودين مؤسساتي ثم عكف لمؤلف يفسر المكونات الاساسية للدين الجمعي وصنف الديانات وبين انظمتها الدينية العالمية والهامشية بطريقة مشوقة ومحفزة على الاستمرار بالقراءة الى نهاية المطاف ’ حتى يوقفك نهاية الفصل عند مشكلة العلاقات والتفاعلات بين الديانات وتطور ظاهرتها في فكر الانسان مبتدءا من مراحل الجهل بالطبيعة والمعتقدات البدائية حتى بلوغ التكامل في الفكر الديني العبادي والخلقي .
كان الفصل الثاني بعنوان(تحليل الإطار ألتوزيعي المكاني للديانات ومعتنقيها وفروعها في العالم)
جرى بهذا الإطار التوزيع العددي والنسبي لمعتنقي الديانات ثم التوزيع المكاني للديانات الكبرى وقد شمل التوزيع المكاني بحسب فروع الديانات التي بلغت 41 فرعا ووزعت الفروع بحسب التيارات وقد ظهر آسيا الأكبر حجما بالسكان والأكثر للديانات ولفروعها وهي عدت منشأ كل الديانات.
اما الفصل الثالث فقد جاء بعنوان المعتقدات القبلية البدائية تناول هذا الفصل التوزيع العددي والنسبي لمعتنقي الديانات البدائية ثم جرى الكلام عن الدين في مختلف العصور ولمختلف الاماكن في اسيا واستراليا وتسمانيا وجزر المحيط الهادي وافريقيا والامريكتين واوربا .
ولا يكون ذلك مكتملا بلا البحث عن مصادر الديانات البدائية ومعتقداتها واشكالها
وعلاقتها بالمكان معززة بجداول وخرائط .
وجاء الفصل الرابع بعنوان (المعتقدات والديانات القديمة السائدة بين شعوب الحضارات القديمة) وقد استعرض الفصل التشابه والاختلاف بين عقائد هذه المرحلة والتي سبقتها السمات الغالبة عليها، ومستوى كونها امتدادا كما سبقها عوامل غلبة الوثنية والآثار المترتبة عليها باختلاف بيئاتها وأثرها على رسم قاعدة انطلاق لتفكير ديني فلسفي.
كذلك تناول الفصل عقائد مابين النهرين والمصريين، كما تناول استعراض للمعتقدات في الجزيرة العربية، وظهور الدين الحنيف والصابئة ، ثم نشأة الأوثان ثم الدين في العهد الخزاعي،واستعرض الفصل أيضا الديانات عند الرومان والإغريق.
أما الفصل الخامس فقد بين التحليل المكاني للديانات غير السماوية التي ظهرت ما بعد المعتقدات والديانات في عهد الحضارات القديمة وهي الهندوكية والتاوية والكنفوشوسية والزرادشتية والبوذية والجينية والسيخية والشنتوية .
تناول المؤلف وبنفس الطريقة الفصل السادس = الديانات السماوية تحليلات مكانية= اذ وضح تعريف اليهودية وقصة بدايتها وتأسيسها وإيضاح العوامل المؤثرة في شريعتها وعقائدها ثم ذكر كتبها وفرقها التي وزعها المؤلف بشكل هيكلي واعتمد الجداول والأشكال البيانية والخرائط التوزيعية للإيضاح مع بيان أهم أفكار اليهودية واهدافها ثم بين اعياد اليهود ومركز ظهور دينهم ومساراته في انتشاره المكاني.
وتناول المؤلف الديانة المسيحية بنفس الاسلوب اذ اجرى التاكيد على قصة بداية المسيحية وعقائدها وكتبها وطوائفها وانتشارها واتجاه مسارات الانتشار وجرى التاكيد كذلك علىالتوزيع المكاني للمسيحين في العالم ثم التوزيع المكاني للمعتنقين بحسب الفروع وبالخرائطالتوزيعية والاشكال البيانية الايضاحية .
ثم انهى المؤلف الفصل في الكلام عن الدين الاسلامي تعريفه وقصة بداياته وعرض عقائده الاساسية وكتبه واماكنه المقدسة وفرقه بتوزيع هيكلي ايضاحي تلى ذلك الكلام عن السنة والشيعةوالفرق الاخرى بتوزيع مكاني يعتمد الخريطة والشكل البياني مع بيان محتوى شريعة الاسلام واتجاه مسارات انتشارها ولم ينس اظهار علاقة البيئة المكانية بالانتشار . واختتم الكلام عن الاسلام بذكر طوائف اخرى ذات صلة كلقادانية والبهائية وعن الاسلام السياسي بشكل مقتضب بينما ركز الفصل السابع على دراسة الملحدين واللا معتنقين واللادينيين من ناحية توزيعهم العددي والنسبي ومقارنتهم بالمعتنقين لمختلف الديانات عن طريق اعداد جداول وخرائط. ويورد الباحث تساؤلا عما يحل بالديانات بعد الف عام ؟ وماذا ستكون عليه نسبة الملحدين واللا معتنقين وهم اليوم يمثلون المرتبة الثالثة بعد المسيحيين والمسلمين ؟ . واراد المؤلف في ختام كتابه ان يجعل الفصل الثامن ( الاخير) فصلا متخصصا بالدراسة الاقليمية للمعتقدات والديانات ’وتطبيقا لهذا المنحى جعل عنوان الفصل =المعتقدات والديانات في دراسة اقليمية= ( انموذج ايران والعراق) , وهنا تطلب الامر شيئا من التفصيل المتكامل فعن ايران اظهر فكرها الديني القديم وعلاقته بالظروف المكانية واعتبار الديانة المزدية ديانة قديمة تتبعها الديانة الزرادشتية ثم جرى الكلام عن واقع التنوع الديني والمذهبي ومعللاته المكانية ,ثم صار التاكيد في شيء من التفصيل على الاسلام والمسلمين سنة وشيعة ثم عن الشيخية والبهائية والاسماعيلية والزيدية والعلي اللهية وعن الاقليات الدينية السماوية كاليهود والمسيحيين والصابئة وغير السماوية كالزرادشتية والايزيدية .
انتقل المؤلف للكلام عن المعتقدات والديانات في العراق مبينا الديانات في العراق القديم والديانات في العراق بعد دخول الاسلام اذ فصل عن نشاة المعتقدات القديمة واثر بيئة العراق على نشاتها وتعدد الالهة وظهور المعتقدات عن الكون والخلق والخليقة وانتشار الكهنة والمعابد عند السومريين والاكديين والكلدانيين والاشوريين والكشيين والحضر .
وجرى الكلام عن المسلمين والطوائف الدينية الاخرى المتعايشة معهم كالمسيحيين والايزيديين والصابئة واليهود وطوائف أخرى صغيرة بشيء من التفصيل بجداول احصائية واشكال بيانية وخرائط توزيعية تحليية .
ان الكتاب بجميع فصوله كتابا حديثا رائدا لم يسبق أن درس الجغرافيون العرب ظاهرة المعتقدات والديانات بالتحليل المكاني سوى انه يوجد مؤلف بهذا الصدد لسوفير باللغة الانكليزية وان أكثر توضيحاته مكرسة للمسيحية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق